responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 507
66] قَالَ الْحَسَنُ: جَهِلُوا عِلْمَ الْآخِرَةِ، وَالْمَعْنَى إِنَّا لَمُتَتَابِعُونَ فِي الْهَلَاكِ عَلَى أَيْدِيهِمْ حَتَّى لَا يَبْقَى مِنَّا أَحَدٌ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُمْ كَلَّا وَذَلِكَ كَالْمَنْعِ مِمَّا تَوَهَّمُوهُ، ثُمَّ قَوَّى نُفُوسَهُمْ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: إِنَّ مَعِي رَبِّي وَهَذَا دَلَالَةُ النُّصْرَةِ وَالتَّكَفُّلِ بِالْمَعُونَةِ وَالثَّانِي: قَوْلُهُ: سَيَهْدِينِ وَالْهُدَى هُوَ طَرِيقُ النَّجَاةِ وَالْخَلَاصِ، وَإِذَا دَلَّهُ عَلَى طَرِيقِ نَجَاتِهِ وَهَلَاكِ أَعْدَائِهِ، فَقَدْ بَلَغَ النهاية في النصرة.

[سورة الشعراء (26) : الآيات 63 الى 68]
فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنْجَيْنا مُوسى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَما كانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (67)
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)
اعْلَمْ أَنَّهُ تَعَالَى لَمَّا حَكَى عَنْ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَوْلَهُ: إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ [الشعراء: 62] بَيَّنَ تَعَالَى بَعْدَهُ كَيْفَ هَدَاهُ وَنَجَّاهُ، وَأَهْلَكَ أَعْدَاءَهُ بِذَلِكَ التَّدْبِيرِ الْجَامِعِ لِنِعَمِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، فَقَالَ: فَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ وَلَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْمُرَادَ فَضَرَبَ فَانْفَلَقَ لِأَنَّهُ كَالْمَعْلُومِ مِنَ الْكَلَامِ إِذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَلِقَ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَمَعَ ذَلِكَ يَأْمُرُهُ بِالضَّرْبِ لِأَنَّهُ كَالْعَبَثِ وَلِأَنَّهُ تَعَالَى جَعَلَهُ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ الَّتِي ظَهَرَتْ بِالْعَصَا وَلِأَنَّ انْفِلَاقَهُ بِضَرْبِهِ أَعْظَمُ فِي النِّعْمَةِ عَلَيْهِ، وَأَقْوَى لِعِلْمِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا حَصَلَ لِمَكَانِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَحْرِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبَحْرِ مَعَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُمْ أَنْ يَخُوضُوا الْبَحْرَ فَامْتَنَعُوا إِلَّا يُوشَعَ بْنَ نُونٍ فَإِنَّهُ ضَرَبَ دَابَّتَهُ وَخَاضَ فِي الْبَحْرِ حَتَّى عَبَرَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيْهِمْ فَأَبَوْا أَنْ يَخُوضُوا فَقَالَ مُوسَى لِلْبَحْرِ انْفَرِقْ لِي فَقَالَ مَا أُمِرْتُ بِذَلِكَ ولا يعبر عن الْعُصَاةُ، فَقَالَ مُوسَى يَا رَبِّ قَدْ أَبَى الْبَحْرُ أَنْ يَنْفَرِقَ، فَقِيلَ لَهُ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَضَرَبَهُ فَانْفَرَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ أَيْ كَالْجَبَلِ الْعَظِيمِ وَصَارَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ فَقَالَ كُلُّ سِبْطٍ قُتِلَ أَصْحَابُنَا فَعِنْدَ ذَلِكَ دَعَا مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ رَبَّهُ فَجَعَلَهَا مَنَاظِرَ كَهَيْئَةِ الطَّبَقَاتِ حَتَّى نَظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ عَلَى أَرْضٍ يَابِسَةٍ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَيْنَ آلِ فِرْعَوْنَ وَكَانَ يَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ لِيَلْحَقْ آخِرُكُمْ بِأَوَّلِكُمْ، وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْطَ فَيَقُولُ رُوَيْدَكُمْ لِيَلْحَقَ آخِرُكُمْ،
وَرَوِيَ أَنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ عِنْدَ ذَلِكَ: «يَا مَنْ كَانَ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَالْمُكَوِّنُ لِكُلِّ شَيْءٍ وَالْكَائِنُ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ» .
فَأَمَّا قَوْلُهُ: فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ فَالْفِرْقُ الْجُزْءُ الْمُنْفَرِقُ مِنْهُ، وَقُرِئَ (كُلُّ فَلْقِ) وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَالطَّوْدُ الْجَبَلُ الْمُتَطَاوِلُ أَيِ الْمُرْتَفِعُ فِي السَّمَاءِ وَهُوَ مُعْجِزٌ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ تَفَرُّقَ ذَلِكَ الْمَاءِ مُعْجِزٌ وَثَانِيهَا: أَنَّ اجْتِمَاعَ ذَلِكَ الْمَاءِ فَوْقَ كُلِّ طَرَفٍ مِنْهُ حَتَّى صَارَ كَالْجَبَلِ مِنَ الْمُعْجِزَاتِ أَيْضًا لِأَنَّهُ كَانَ لَا يَمْتَنِعُ فِي الْمَاءِ الَّذِي أُزِيلَ بِذَلِكَ التَّفْرِيقِ أَنْ يُبَدِّدَهُ اللَّه تَعَالَى حَتَّى يَصِيرَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فَلَمَّا جُمِعَ عَلَى الطَّرَفَيْنِ صَارَ مُؤَكِّدًا لِهَذَا الْإِعْجَازِ وَثَالِثُهَا: أَنَّهُ إِنْ ثَبَتَ مَا
رُوِيَ فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ تَعَالَى أَرْسَلَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ مِنَ الرِّيَاحِ وَالظُّلْمَةِ مَا حَيَّرَهُمْ فَاحْتَبَسُوا الْقَدْرَ الَّذِي يَتَكَامَلُ مَعَهُ عُبُورُ بَنِي إِسْرَائِيلَ
فَهُوَ مُعْجِزٌ ثَالِثٌ وَرَابِعُهَا: أَنْ جَعَلَ اللَّه فِي تلك

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 24  صفحه : 507
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست